الأربعاء، 29 أبريل 2009

هذا مقطع من ديوان" رجل الهاي لوكس" الذي يصدر خلال أيام, أهديه للجميلة عروس الشمس, وهل من أحد سواها.

كانت كلما مشت في طريق
بكت أصحابه.
مشت كثيرا.
كان نشيجها يشغل المارة عن حاجاتهم.
فما يستطيعون مضيا في الدموع.
هم أنفسهم صاروا يسيرون معها ليتذكروا.
وفي كل مرة كانت دموعهم تبلل ملابسهم:
-لن تنمحي سيرتهم.
كيف وأنت التي تتذكرينهم؟.
التذكر يا أخت حمي بلا دواء.
بحاره تمتلئ بملوحة الحكايات وأشجانها.

مشت في أنحاء ودروب ومدائن.
تذكرت حتي نفاياتها
وما توقف البكاء.
مشت في حروف.
في اتكاءة كلمات وهي تعبر شفاه.
مشت في قلوب وعيون وإشارات.
وعندما وصلت إلي طريقها.
هي الواقفة هناك

قرب انحناءة روحها
تنتظر من مروا محملين بلا شئ
هي الموقوفة عند سواد عباءتها.
عندما مشت في طريقها.
لم تجد ما تتذكره.



الثلاثاء، 28 أبريل 2009

قمر الجزيرة المكتمل هنا, لها هذه القصيدة, إلي" عروس الشمس".

وردة أخري لذات الجرح
أعطني من ضلعك المعوج سكينا
لأحيي جثتين.
أنا الرفيق المر.
أدخلت البنيّة شارعي.
ومضيت فيّ.
ولم أعدّ خطاي.
كم بيتا تخطيت.
استندت إلي حوائطه أوان مضيت لي.
يا ناس...
عطرت البنيّة.
عن يميني كان صوت خارج يحني
شواربه.
ويلتقط البراح.
عيناه صومعة,
وبردته تدفئ شارعا
وبنية تمشي علي عينيّ.

لماذا لم أحب البنت
حتى حين تتركني أودعها.
/ أقمت رحيبة.
ورحلت حين حللت.
إني وارد ما البحيرة
فاستمري فيّ عارجة.
أريتك بعض غيمات لجارتنا
وبعض أقاربي.
أمي ستطبخ في مساء اليوم أرزا.
سوف تطرح عن شواشيها
وفاة أبي.
كانت تهدهده إذا غني لها.
هل كان يخفي عن مراودها
تكحله بها.
هل سوف تخفي عن تكحله المساء
لتطبخ لابنها أرزا.

ساق علي ساق.
وكان الراجل الملفوف بابنته يدثرها
ويقرأ كي تعيش طراوة أخري لذات الجرح.
غني:
أنا الشجر الذي لا يعبر الأغصان للمنفي.
وقال:
يعاود الموصوف وصف كاد يهجره.
وسار علي الرصيف
يشاهد الموتى الذين أتوا.
ضمّ الإله لعاشقين
لربما يتفرقان فلا يشكهما.

أنا بنت تدخل واحد في شعرها
فقفلت راجعة.
لماذا لم ألم شوارعي لتمرّ.
هذا بعض سؤلك.
إن موتا حارقا لم يكوني
لا تسألنّي عنه.
سلْه هو.
إن الشوارع جرح من يمشي,
ولكني أحب أسرة لا تستجيب لغير واحدة.
عرفت لماذا لم تخب عن ملاءتها دموع خفيها.
إذا خرجت تتابعها إلي حيث التقت بغريقة العينين.
يا أهل المقاهي
ذلك الولد الجرئ يحبني.
لكنني أحببت شيئا خارجيا عن مدينته.
جبلا ليجدلني علي علم المدارس.
ولد غريب قال شيئا ثم صدقه,
ولكني أكذب رؤية العيدين
ما استحممت,
ما أخذت عيديته عيوني.
لحظاي ما سرقاه.
يكذب حين يكتب أنني دمعات عينيه اللتين تضاجعان البحر.
قال ولم أقلْ.
وردي يحب النافذة.
هل شرفتي ارتعشت لكوب الشاي
حين ضحكت.
بيني وبين الباب خوف ناقع.

أمي تقول:

إذا أحبك واحد
نديه في كل الشوارع.
رجرجيه.
إذا مضي... حنيه.
وإن تلقي فوق شارعه شوارعنا
أقيمي فوق وردته.
الهوى طلع
ونار ليس في أحشائها
إلاّ الأحبة حينما يتفارقون.
أنا البنيّة
سيد من يبتديني من حديقته
إلي الريح التي تأتي بأرض لست أعرفها.
تلقفت الشوارع
فارتضيت غبارها
ومضي حبيبي للرحى।

السبت، 25 أبريل 2009

هذا هو النص الكامل لديوان" صانع العاهات", والذي سبق نشره ضمن طبعة ألكترونية أصدرتها دار الكتاب الألكتروني منذ عدة سنوات بالقاهرة, وأنا هنا أهديه إلي العروس التي تطلع الشمس كل يوم من أجل ابتسامتها.

أحلام قداسته
عاد قداسته
لزوجته التي تخبئ في روحه
صناديقها
عاد لرائحته التي تتبعه
كأنه مر في فضلات كلب
عاد لاسمه الذي تتآكل حروفه
من الإهمال.
عاد يحرث انكسارات عمره
من حمام بار
لمبولة مقهى
/ مللت الأقنعة والملابس
لن أغير عاداتي من أجل حفنة
من الخرافات.
القديسون لا يخفون عوراتهم.
أنظري لي
أحبني هكذا
أنا فتنة حامية .
راح يتحدث عن طموحاته
كأنه مراب علي سفر.
وبعد أول كأس يقبل كف زوجته
ويبكي.
/ إصغي إلى وجد قلبي
غرفتي مليئة بالدموع
لم أعد أملك غير يأسي
أنا الهيكل العظمي الذي يراقب
الرجال عندما تتسرب أرواحهم .
أخشي أن أذوب مشيا وراء النساء.
إنني أكره الظلال.
هل تعرفينني
نصف عمري قضيته
فوق سطوح المنازل
أتفرج على أجساد النساء
وهن يدلكنها
بالأمنيات والأحلام الطيارة.
عندما عرفت أن آخر امرأة
قدمت لي حفلا ساهرا
أصابها الملل
جئت إليك
لتحكمي بيننا.

بلمسة حكيمة من أصابعه
الجمل يصعد النخل،
والجمال يريد أن يطير.
سلمي لي على روحك
علي حرير نهديك
هل تشمين رائحة أحلامي
أريد شرفة تطل على ملائكة
ظللت أحلم بالنار حتى جننت
واحترقت الغرفة
أنا النائم فوق ثلاثة كراس
لماذا تلومينني
لم أكن سوى طائر
يرف على كتفيك.
لست مسئولا عن انقطاع المطر
ولا أنا الذي عددت النجوم
عرفت أنها تخرج بالليل من منازلها
تتأمل بساط الريح..
وهو يموج تحت الصرة.
هاتوا الأطباء
قولوا للملائكة
الجمل في سم الخياط
هل رأتهما امرأة
من فوق عربة الكارو فأقامت الدنيا
لزوجها
ربما يلون نهديها
بلمسات حكيمة من أصابعه
أو يجعلها تبكي
على أطراف أحلامها.
الجمال يريد أن يطير
شيعته حتى مراكب الشمس
ولم أجد واحدة توحد الله تحمم مركبها.
تركن روحه بين عارضتي قطار
وقلن
التوسلات مرة
ولو بستر من الهوى.
غادرننا في آخر الليل
بمكياجهن الذي يتلاشى
مع أول قبلة خائفة
رأيتهن يرشرشن جروحهن على الناس
ويهذين
ألقطها من شفتيها
ألقطها من يقظة النهدين
سوف تهجر أمها
وتلملم أحزانها من تحت الخزانة
وإذا قلت لها اقتلي نفسك
سوف تلقي بنفسها عليك.

الحجيج المغنون
أظن أننا
حين سرنا علي الكورنيش معا,
كنا نبكي
وأن دموعنا التي ذرفناها
أول الطريق لم تكن تعرف
السبب .
لذا يهيأ لي
أن نهاية الأغنية التي تركناها هناك
سوف تمر في سرية تامة
علي وجوه عشاق الشواطئ
دون أن يتوقف الحفر
كنا قد بدأنا برموشنا
لكننا قررنا فجأة
أن نستخدم وسائل أخري
لا حفيف الملابس من بينها
ولا الهمس
نحينا حينها حمولتنا من التفاح
ونحينا
غن لي عندما تعودين للبيت.
وربما يداويني خطوك
في اتجاه الأريكة.
وأعرف الطريق للمصب.
وكانت نيتنا أن نتجاهل
يا ليتني كنت معك.
وانتظري قليلا.
لكننا جئنا بتمايل النخيل
والسحابة التي في المرآة.
تحولت أكفنا الي مراكب /
يا البلاد الدفيئة
نصبنا قلوعنا قرب الحافة
و سنصل بعد قليل
شاركتنا دموعنا
دون معرفة أي شي ء.
قلنا فقط إننا حزاني
وانزوينا خلف سروة,
وقبل كل منا يد الآخر.
حمت المراكب
وانهمرت الدموع
مع أنها لم تدرك السر
ولم تنتظر حتي تعي ما يدور
أو تسأل أحدا من المارة
ربما بلل لهفتها بكلمة
أو إشارة
فعلت ذلك بوعيها الملائكي
وبإنسانية مفرطة .
لم تتململ حتى يتجمع الناس
أو نصل إلي مكان مضيء
لتلامس خدودنا
وتمضي كما انتوت .
وكانت تعرف أن خديك
مبرآن من الماكياج.
يدي إلي التفاح
وأنت تبتسمين ,
بينما هي تجتاح جوانحنا
بسر مباغت ,
هات لي الذي عليه النية
واتبعني
اختر الشجرة التي تحب , واتبعني
وسأعطيك الثمار والحاوية
ويبقي عليك أن
تضع ساقيك
علي أول الجسر.
عندي نهدان خرافيان
وروح يمامة
وخزانة أحلام تحت الحلمة
لست بخيلة
هأنا أمنحك
حرية الترجل
بين ياقوتي
وشمعي
ولتتحمل أنت مسؤولية
احتراق العباءة.
إن ما حدث لنا
جعلني أتذكر دموعي الكثيرة
التي ذرفتها
وأنت لا تدري.
جعلني أفكر في إنسانيتها
التي لا تعني سوي الموت
والتلاشي.
هناك أشياء كثيرة
بلا فائدة تصر علي البقاء.
تخيل
لو صادفتك عند داري
خبئ نية شفتيك
و حكا ية هجر ة العصا فير لعيني .
لن يستمر ذلك طويلا
عندما تضمني
سرب لي ما تريد.
حدثني عن الحجيج المغنين
الذين يلوحون للأشجار بأحلامهم
كلما مرت أمامي.
لا تهتم بتلك الأشياء
التي لا معني لوجودها
هناك فروق سحرية
بين هذه الأشياء
والدموع
فروق شفيفة
ربما يكتشف
أسرارها
الذين يسيرون
بالقرب من أشجارهم
وعلي أيديهم تتنزل القبلات المتأججة

جامع أعقاب الأحاديث
معذبتكم
ومعذبة أبنائكم
صاحبة الفردوس
وابنته
التي يأخذ الكرم
من عناقيدها نبالته
نائمة خلف هذا الجدار .

ليست - بالتأكيد - كحبيباتنا
الثكالي ,
الممتحنات بالفقد تلو الفقد
اللواتي بقلوب متغضنة
ينمن مرميات في نار هواجسهن .

ستخرج عليكم
عارية كأنها في ستر الملائكة.
ومسترة تمشي في عري مبين
وقريبا من قلوبنا ,
وبشراعة واحدة مفتوحة
ستمر غرفتها
لا تطلقوا لخيالاتكم العنان
سأحكي لكم كل شيء.
فقط....
اعلوا علي مشيئة خلقكم
وتمنوها
ربما تنزلت قبل موعدها
ووضعت أمام مشاعركم المرهقة
مصابيح لفتاتها.
أو ربما همست ,
فأدخلت أرواحكم بين نهديها,
ونادت :
احذروا
أجنحة العشاق ,
رؤوسكم ستصطدم في سقف
الجنة.
علي بعد خمسة أصابع من سبحتكم
منحني
الدوامة في المنتصف
استخدموا أذرعكم كمجاديف
وحلقوا

غنوا لآلامي
ولقاءاتنا القليلة
بعد منتصف الليل
ربما جاءكم بعض رعاياي
يبحثون عمن صاغ خاصرتي .

أنتم لم تروا القمر
ليلة تمه بين ذراعيّ .
ولم تدخلوا الجنة .

في حراسة الذهول
والنعناع
تمنيت أن تراقصني
أن تبوح باسمها,
فغادرتنا جميعا يتامي
بلا أسماء .

علي البلاج كنا وقوفا
فجلسنا
ولم ندر لم.

ليست من مليكة
عذراء مبحرة بلا قارب
غيرها
ولا من مظمئة مثلها
تلقي بملابسها علي الرمل
فيعوي الحاضرون
يارب الكنائس ..
من أخرج الأجراس من قيلولتها.

هل ترونها
وهي تضع ساعديها
علي سور الشرفة
وتنادي علي الله .

لأقرب مصباح علي الطريق
مال الهواء ,
راح يحمل الضوء لغرفتها ,
ويتنفسها بعمق عاشق
لا يعرف الحذر .
لليلة واحدة كان يمكن
أن يستمر عمود الإنارة
في مهمته ,
وكان يمكن أن يبقي
المصباح في مكانه مبتسما
لولا أن الحارة
أغمضت عيونها

لم يحذرني واحد
من النواطير ,
لم يطلق الشرطي صفارته
الملعون كان كالمجذوب
يحملق في الشرفة
وتركني أشرب نسماتها
بكي المصباح ,
حتى أغرق المدينة بالضياء .

بعد أسبوعين ,
عاد بحارة يحملون بقاياه,
وهم يهتفون :
وجدناه هائما
كان يحدث أشرعة
المراكب عن قراصنة
وهميين سرقوا حرير ابتسامته.
تحدث برومانسية صوفيين
وغفا.
تأكدوا من دموع عينيه.
نعرف المصابيح في بلادنا.
زنوا شروده.
ما لعينيه من كحل سوي
لهفتها.

كانت كاترينا تشير لأمها
بملابسها الحريرية ..
يشتعل الغمام
احترسي يا غييمة
ليتني شرفة بشراعة واحدة
ربما كنا تلاقينا
نهود مريمية وساعدان بلوريان
وخشب شرفة متلهف للنار .
أنا الغريب الأعمى ,
لا أرغب في المزيد
أما إذا تلامست حبتا الكريز وعروقي ,
اعذروني
ساعتها
سأدعي النبو ة.

لكن قولوا لي
كيف تستطيعون رؤيتها
وكيف تتحملون الموسيقي
مجرد المحاولة ستزهق أرواحكم
وستدخلون النار .

لم تروها
وهي ترقص
وهي تهمي من كرسي في الباص ,
علي الرسل المشدوهين
من عرش علي صدر صديقتها
إلي غيمتي
أنا جامع أعقاب الأحاديث,
في الليل
صرت أنزع الفواصل
وأغني لما يخصني من كلامها
أنا بهلول المدينة ..
بملابس لا تعرف اليونانية
أسير بصحبة ساحرة
غزالة ,
وساحر يصدق أحزانه
كل شيء تشابه علي
نسيت لون عيني فينوس .

يكذب الناس
ليظهروا جميلين
يتحدثون عن أشياء وهمية
لمجرد أن تبتسم حبيباتهم
وأنا جميل
معي سماء كاترينا
وقمر جونلتها .

تيقظنا صباح اليوم
مبكرين
وفشتنا عن لحن لاسمها
في الأساطير ,
لكن حراسها طاردونا
تركنا حكاية خطواتنا
علي طاولة الحانة
نحن العشاق السذج ,
تيقظنا ,
قبيل هطول المطر .

عني تحدثت سمر
وأومأ وحيد
كأنه راع لشبكة أحزان عيني
راحا يتلفتان ,
كل في وجه غازله
غنيا
وأنا حاولت
لكن لم تسقط دمعة
واحدة من عيني .
لم أندمل
وها أنا
أنتظر صاحبة الفردوس ..
هل تنام خلف هذا الجدار؟

صانع العاهات
أما عن رواية الأحداث
فلا أحد يخرج من منزله
بلا هوية
ويقدر علي مقاومة غوايتها
لا أحد
عاقلا كان أو مجنونا
يعرض عليه الملك
فيصمت
أو يتثاءب
ما بالكم بي أنا
مربي الخنازير
صانع العاهات الكبير .

عند رواية الأحداث
لا مجال لأن يبقي المرء
في سريره
أو يذهب إلي موعد غرامي
أيا كانت الحورية التي يضاجعها.
كل شيء يحدث لمرة واحدة
والطلقة التي تمرق
لا تعود .

كم يساوي وجودي بينكم
بلا رواية
ووجودكم بعيدا عن أربطة
أحذية الآلهة
كم يساوي وجودكم بلا عاهات .

الأمر ليس كما تتخيلون
الألوهة تحتاج إلي أكاذيب
منتقاة
وأوبئة .
تحتاج إلي أعمار طويلة تتبدد ,
وشعوب تتلاشي ,
ومدائن تبيد .
الألوهة الحقة
تكره الفناء الجميل .
عندما تنتصب في الفضاء
وتفتح عينيها
وتطل .
يقف إله في قلب خرائبه
ويحكي تفاصيل ما رأي
وما ارتكب من جرائم ضد الأجنة
يبوح بآثامه
ويكتب في كل ساحاته
ما رآه ضروريا لكي يعمل
بعفوية بالغة
حتي ليظن الواحد
وهو يتلقي الطعنة
أنها المشيئة العربيدة
ولا مفر .

الجند في الباحات
في قطرات الندي
وفي شعاع الشمس
لا مفر .

تعلمت صنع التماثيل
سرقة ألعابها من القتلي
وحكايات الضحايا
والأكف المرحة حين تستقبل
المطر.
أنا سارق الكحل الذي تتحدثون عنه
عاشق التشوهات .
كيف يمكنني أن أصب ابتسامة
علي وجه طفل جائع
أو يتيم .

الخالقون الهواة
سيدخرونني أضحوكة لأيامهم
أضحوكة يفجرونها في البراري
يفتحون بها أفواههم عن آخرها
وينسلون إلي أكواخهم
تحت جنح الليل .

تسلقت ضحكاتهم تلال بلدة
ومشت في أراض موحلة
أناموها علي الرف
كي تحمل فوق أكتافها التراب
والنياشين
وأنا غير مؤهل للابتسام
لا أحب أن يبتسم النائمون
في أحلامهم .
عاري وأنا أولي بمراراته.
لو أن عيونكم لا تري النوم
لو أن دموعها قادرة علي إحياء
الموتي .
لأدركتم البلية التي أنا فيها
معجزة أن أظل طوال عمري المديد
أنثق القبور
وأنتقي سكانها .
حققت شهرة واسعة
في هذا المجال
وأحببت ملكي
وها أنا أوطد أركانه .

قبل مجيئي إليكم
هاتفتني امرأة وقبلتني.
قالت لي إنها تبصر أطفالا
ينامون تحت جدران بيتي
تشب في أحلامهم
النار التي تمتد من لفافتي
وكلما حاولوا الوقوف
أجلستهم رائحتي
قالت لي هناك أمور لا تحب
الخوض في جيوبها
وواعدتني
واختفت .

سوف أنزع النخل من أرواح
النبيين
القبلات من قصص الحب
والجنيات التي تسير في الشوارع
من شفاه الرعاة
معي مساحيقي
وعمالي
وحقدي
سوف أرسم المشهد من جديد
أريد أن أكون راوية حقيقيا
الأولاد في مقابرهم مهذبون
والنساء في أسرتهن
ينتظرنني
والرجال طوافون في المكان
يحملون المناديل الورقية
ويعطرون مواكب الأساطير
في الكتب القديمة
والآلهة تبتسم وهي تحمل
الغمام علي أكتافها
وترش الظلال .
لا غير المشيب
علي ركبتي يتكئ الردى .

سوف أعلمكم كيف تنامون
وكيف تخرجون لملاقاة
جيوش أعدائكم .
وكيف تسيرون في الأسواق
وكيف حين لا يحين الموت
ترحلون
هذه ألوهتي
التي جئتكم بها
أنا أعلمكم بأمور دنياكم
عندي ميزان كل شيء
شفاه جديدة
وأجنحة للدواب
والخنازير .
خضت معارك كثيرة
ولم أستطع
في كل مرة
أن أخرج مبتسما.
وفي هذه المرة
أقدم لكم أمراضا وأوبئة
جديدة
أقدم لكم روحي
باردة علي أبدانكم .
لا شبابيك لكم عندي
ولا حوائط
أنا راوية الحكايات الوحيد
وصانع العاهات .

طيور البنات
في الليل
يمكن لأية بنت
أن تخرج من سريرها
وتفتح شرفة حجرتها
وتطير .
صدقوني
البنات يطرن في الظلام .
ولأنهن يخفن علي عصافيرهن من الوحدة
يصحبنها أينما اتجهت الموسيقي .
رأيت بنات يحملن
العصافير من مناقيرها ويضوين .
فهل كانت قبلة طويلة
في الفضاء,
لكي يجربن قبلات أخري
ذوات أجنحة.
كانت ملابسهن فضفاضة
وأسماؤهن بين ذراعيك
تنسيك ما
سال من
وقت
علي درج البيت .

هل كانت تتسلي بالنظر
إلي وجهك الكريم
حين ودعت السرب
وحطت علي السرير .
كل شيء ممكن
وأنت تحفظ بأناملك
ما ترك النهدان والأقربون من أسرارها.
الأمر لا يحتاج إلي عبقرية
الحوائط والشبابيك
والأبواب
تشهد ألا أحد في اليم
إلاك .
وهذه الأشياء رغم ما بها
من مفاجآت
إلا أنها تحدث مرارا
والبنت ببساطة
وفي غفلة من آذان
الجدران التي تسمع
دبيب النمل
تستطيع أن تنسي
عندك الطوفان
بعد أن تأخذ
ما جاءت من أجله
لتسبح وحيدة في البحر.
ذراعك التي ظلت لسنوات
كثيرة معطلة
ولم تكن تعرف وظيفتها
وكنت تستخدمها كي لا تسقط
في مداوات الجراح.
جاءت غلامة,
ووضعتها في مكانها المناسب.
أراحتك.
وقدمت لك دواء ناجعا
لمرض مراوغ
ظللت طوال أربعين عاما
تحاول التحصن ضده
أو تجنبه .

اليوم استيقظت مبكرا
لا بك ولا عليك
ورحت تتسلي بحفنة
من التوت
وإلتهام المزيد من
التمرات اليابسة
لكن حين حطت البنت فوق
السرير
وراحت ترسم
فوق الملاءة
بأصابعها
أدركت أن هذا كله
غير مجد ,
كل واحدة تذهب مختارة
لحامل أختامها
فمن الذي يمكنه الآن
أن يعلمك لغة البنات
والعصافير
ويجعلك تضيف المزيد
من الخطوات
لمركبتك في طريق الموت.
وسريرك الطبيعي
الذي لم يتطلع في يوم من
الأيام لأكثر من دوره
ما الذي يمنعه الآن
من الانضمام
الي طابور الأسرة
صاحبة التاريخ الجسيم
والرسل .
سريرك الذي
يحدث صريرا
دائما مثل غيره من الأسرة
كلما ملت عليه بجسمك
الملهوف
سريرك ذو الوسادة
الصلدة
الذي لا يجد غضاضة
في أن يغير غرفته
ويتركها فارغة
راحلا الي غرف أخر ي.
سريرك الذي يتمدد
فوق سيارة مكشوفة
بعد أن يلملم أنفاسه
ليجوب الشوارع
دون إكتراث بتاريخه
الذي خطه بين جدران حجرة ما
أو اهتمام بعيون البنات
اللواتي يحلمن بلقاء الملائكة
والتمتع بصرير ه.
سريرك المتبلد
يطول به العمر
لكي يكون شاهدا
علي وشمة عمرك ,
الجراحون والنبلاء
غير قادرين علي تخليصك
من آثارها.
هي التي وضعت قدميك
فوق الربوة
وجعلتك رغم قوانين
الطبيعة مشرفا علي الجبل .
كيف أنامتك فوق هضاب
مفاتنها
وتسللت معك
الي قلب العالم .
سريرك يتسع لشهيدين
والقبلة مازال مشوارها طويلا..
والباقي...
وحد الحي الذي لا يموت.
هل رأيت ما فعلته العصافير
عندما اقتربت الحافلة؟

أسئلة بسيطة
لكنك ستقضي باقي عمرك
تبحث عن اجابة شافية
لعينيها.
وإلا ما معني وصول البنات
الي المواقع السحرية
من أيامنا,
وما ضرورة صعودهن
درج منازلنا
واضرام النار في البيوت
دون أن نستدفيء
أو يكلمنا الله
أو حتي ننظر الي الجبل .

في اتجاه الجسر
كنت لا أنوي أن أقول
عن عينيك
ما يقربهما من خيال البحر .
قلت:
سحر عابر
يتوقف قرب الشط
ويتواري
فيما لا يري
سوي الشجر الكثيف
وصيحات البرابرة..
والزرقة التي تفترش عتبة
الجبال والسفوح والصخور المنحوتة.

سجلات ومصائر , وأقدار ذاهبين
إلي حيث يكون الصمت ردا خارج
الموت
وجرحا بلا شفاء.

كنت لا أنوي علي شئ
شاهدتهم وهم يحرقون
مراكبهم.
العميان ..
يحفرون الأخاديد.
قلوبهم المرصوفة بالأحقاد
وقوالب الطوب
والمساومة
قلوبهم التي بلا تاريخ ,
التي تعجن الظلمة بالتراب
وجلسات السمر بالضحايا
وأكواب الشاي بأصابع
الأطفال.
قلوبهم العامرة بالدخان
ارتضت أن تكون مقبرة
بلا ذاكرة.

ما الذي جاء بالرفيف ,
بخطوك الهامس ,
بالملك ,
بعريك المعتمر بالبراءة ,
بالعطر قرب بركة أرواحهم.
كان عليك أن تضيئي الشمعة
بين نهديك قليلا لتعرفي أسماء الشوارع
وتبدئي الطريق بعيدا عن أدرانهم .
هذه هي الروح المبللة
برزاز البحر
هذه هي الروح التي تعرفتها
في أصابع كفيك
وهي تهمس للنوافذ
والأبواب ,
وتهاتف
الملابس قبل الخروج من النهر
وهذا هو الجرح الذي تعرفته
بعيدا عن المراكب
كل شئ كان محفورا علي جذوع
الشجيرات
ومرميا في طريق السيارات
بعد أن لملمت سيدة
سور الأوبرا ملابسها
وخبت .
كنت خائفا .
أدرك أن من يفتح عينيه
مبكرا يشعر بالوحدة
وربما يحمل عصاه
ويرحل
وفي يده ما تبقي من الماء
قبل اندلاع الحريق .
قليلا من الخوف
يشفي الغريب
أنت كنت هناك ..
بدا كل شئ علي عادته
يموج مع الصوت.
ولا يري في الدهليز
إلا الخطي المتعجلة
والقاعدون إلي سنوات
أعمارهم
في انتظار النحول.

كان الطريق مزدحما بالرفات
ومر هو
حليقا..
تائها يبحث عن ساعد ,
يتمني لو أن كلبا مصابا
بالسعار تعرف عليه.
مر باهتا
ليس علي كتفيه أثر لتربيتة
من رفيق
وفي إتجاه الجسر
مضي بأنفاس متقطعة
وخلفه تاريخه .
ولم يستغرق سوي
التفاتة واحدة.

من تلقاه في الناحية
الأخري؟
من انفلتت منه ضحكة مكتومة؟
من رثي لحاله, وراح يغلق أنفه من الرائحة
التي عبأت المكان؟
من رآه ولم يكلف نفسه مرارة
أن ينظر إليه؟
كل هذا يمكن أن تعرفيه
إذا أغلقت الباب
وأغمضت عينيك.

في غيبة الهدهد
كان عليك أن تنبهني أيها الجندي
قبل أن تطلق الرصاص علي .
دمي الذي يسيل
كنت أود أن يراه الخليون والأحبة
يسيل في شوارعنا
هناك شرفتي
ورسائل غرام طائرة بين الشبابيك
بعد أن قبلتها
شفاه العشاق .
هناك مساء الدلال
وأول قبلة في الخفاء
هناك عروسان مختبئان تحت الملاءة
وأمان تلضمان بأكواب الشاي
قصص الليل , وأسرار الظلام .
قبل أن تطلق الرصاص علي
كان عليك أن تعرفني
وتجلس إلي مرات في المقهي
تري أصدقائي
والبنات اللواتي أغرقنني معهن في أحلامهن
ساعتها كنت ستتعرف علي القصص والرموز
الكثيرة التي تراها الآن تذوب في دمي .
لو أنك - أيها الجندي - أخبرتني
قبل أن تقتلني بقليل ما حزنت
وما كنت أنت تعلقت مندهشا في نافذة طائرتك
هذه الصحراء والرمال الممتدة تحت مروحيتك
تهزني - أنا الذي ولدت فوق ذراتها - كلما مررت
بين نخيلها
هنا تخيلت منزلي
نخل باحته
وطفليي تحفهما الملائكة
وجيران ومواقد وبراد شاي
هنا تخيلت قصصا صغيرة تكبر في الفضاء .
أحدثك بصدق شديد .
لدينا حكايات صغيرة
تكبر كلما مررنا بها,
ولا تموت .
نتركها نحن فقط ونرحل
نموت أيها الجندي في أسرتنا
وفي أماكن أعمالنا
وفي الحب
وقد نموت , ربما بطلقة بندقية
مثل التي في يمينك
دفاعا عن غرامنا بالبيوت .
آه لو لم تقتلني أيها الجندي
كنت عدت الي أهلك بلا أحزان .
معك بعض ضحكات ليالينا؟
وأحاديثنا
وجروحنا وبعض أحلامنا التي ننفسها
في دخان النراجيل
وعندما نعود إلي آسرتنا متأكدين أننا تخلصنا
من هزائمنا
تفاجئنا بنزيف جديد .
هل رأيتها بالأمس وهي تمطر
كان بكاءا سماويا
وأفقا ممتدا من بنات جميلات
يبحثن عن قبلات أحبائهن
أمام الله
لم يتخلف واحد
من مجروحي المقهي
قالوا خشينا أن تتساقط الثلوج
علي أيامنا
ويرتعش الكلام .
هذا غرامنا ونحن
ندفأه كل ليلة
ونعطره بالرياحين في فصول الصيف
هل تعرفت علي هذه البنت الكريمة التي تنام إلي جوار اليم
إنها تجهز نفسها كل يوم لمواساة الهواء
أنا رأيتها ترقص فوق ربوة الموسيقي
وبالقرب من مدافن الجنود
وكنت قد رأيتها ليلة حب
نائمة بأحلامها كاملة
اقترب قليلا هل رأيت
هذا المليء بالأحلام الذي
تتكور النراجيل في رئتيه
الأسي ملء مقلتيه .
تخفف من هذه الخوذة
هل تخاف النسيم
هل تخاف إشارات الأحبة التي تعبر الشرفات
لِم تخش ابتساماتنا التي تطير بها ملائكة
المدينة.
لتضعها في حجر أمهاتنا
ليعرفن أننا بخير
ما الذي يرعبك.
اقترب .
إنها حكاياتنا التي تذوب في الهواء .
لماذا جئت
ولم قتلتني
أليس لديكم ملائكة في بلادكم
وخليون وكورنيش
وليل , وعذابات جميلة .
وزوجات تمرسن علي خيانة
أزواجهن في الخيال .

ساعة حائط
أعتقد أنها انطوائية
و ساحرة.
بمجرد دخولي إلي البيت
تدخل في شرود ممتع وبديع .
مقاومة أنثويتها
في هذه اللحظة
عمل خرافي
و لا مجال لأن يدعي الواحد قدرة
وهمية .
كل أمرنا بيد الله .
ونحن عبيده
وهو وحده الذي يعرف آلامنا.
هنا فقط عند الجميلات يدرك المرء
مأساته
لاحظت أنها تراقبني.
بحرص بالغ تذهب إلي ركنها
وتلعب بالخيال .
تحدث عاشقا متعجلا
وفي لحظة تقدم له فؤادها
عائما فوق بحيرة
وتغني لفستانها الكالوش,
والطيور تحط إلي جوارها.
و تتنزل عليها ا لغواني
ألا تخافي ولا تحزني .
وعندما تلاحظ أنني أراقبها
تتشاغل بدقاتها.
وتبدو ساهمة وواجمة .
لكن
هل تعتقدين أن الساعات
يمكن أن تقع في الحب
وهل من الممكن أن تعشق أصحابها.
لها تصرفات عجيبة
صارت تتبعني في الطريق
حتي أركب الباص .
وعندما أعود
أراها في الشرفة
تنتظرني بقلب يدق مثل طاحونة
عطشي .
عندي أدلة كثيرة علي ما أقول,
لكن لنتفق أولا
أنك لن تغاري
وسوف تتعاملين مع الأمر
بعقلية ناضجة .
إنها في النهاية ساعة حائط .
نعلقها في المكان الذي يريحنا
ويمكننا إذا أتعبتنا أن ندعها
في الصالون .
نوكل إليها مهمة استقبال الضيوف,
وتوديعهم
ونستطيع في آخر الليل
أن نغلق عليها الباب
بهدوء
دون أن نجرح مشاعرها
رقيقة هي يا حبيبتي
بشكل مبالغ فيه .
كلما نظرت إليّ
تغرق الجدران بالدموع
وتجعلني أضطرب .
سأحكي لك حكاية غريبة
استيقظت منذ أيام مبكرا
علي صوتها.
فوجئت بها علي السرير.
همست :
سيدي
سيدي
السادسة الآن .
استيقظت العصافير.
أخشي أن تعب الهواء
كله بمناقيرها
وترحل.
هناك نسمة من الله
في الشرفة.
هات كفيك.
جذبتني المجنونة
وهي تتنهد.
وقالت
الآن اشرب الحياة.
اشرب
وستدعو لي .
في هذه اللحظة يمكنك أن تتعري.
وتري الملائكة حافين من حول
ا لعرش.

الجمعة، 24 أبريل 2009

رسائل ملونة
***يحكي أن بنتا صغيرة لم يتجاوز عمرها تسعة عشر عاما كانت تعيش في بلدة علي حدود قلبها الصغير تسمي ( القمرية ), كانت تطل علي بحيرة تجري مياهها الزرقاء رائقة بجوار شرفتها التي لم تكن تسع سوي نظرات عينيها, وتطلعاتهما إلي أحلام بعيدة لا تعرف مداها.
كانت البنت الصغيرة كل يوم, وكلما غطي الليل ببردته الداكنة الدنيا من حولها. تصعد إلي سطوح منزلها في البلدة الصغيرة لتأنس بالقمر. قالت لها أحلامها إنه يأتي إلي الدنيا من أجل التمتع بالنظر إلي عيونها الحوراء الجميلة, وفي يوم من الأيام بينما كانت "القمرية" ساكنة هادئة بعد ما نام سكانها, واستعدت فتاتها الصغيرة للصعود إلي قمرها الذي يأتي إلي الدنيا من أجل رعاية أحلامها, إذا بهاتف منزلها يدق بنغمته المحببة إلي أسماع أهل البيت, لم يكن هناك من أحد, وعندما استيأست الفتاة من رد أحد علي الهاتف ألقت وسادتها التي تحملها لتنام إلي جوار القمر فوق السطح, ورفعت سماعة الهاتف, وفي هذه اللحظة أنبعث صوتها الجميل, يستطلع الطرف الآخر علي الهاتف, قالت أنا هنا وحدي في البيت, يبدو أن أخوتي, وأمي غادروا دون أن يقولوا شيئا, هل تريد شيئا, كان الطرف الآخر علي الهاتف يستمع إلي نغمات صوت البنت التي جلست علي كرسي مواجه لشرفة غرفتها تتطلع للنجوم التي راحت تضئ السماء للقمر الذي بدا كأنه يتطلع إلي الدنيا لأول مرة, كان وجهه كله مبتسما, وعيناه لامعتين, بينما كانت الفتاة ذات التسعة عشر ربيعا تستمع لحديث من يهاتفها من بعيد, تحدثت الفتاة عن منزلها الخالي, من النسمات, وعن قمرها الذي يعوضها عن ذلك, وأخبرت محدثها البعيد باسمها الذي أخذ الأهالي اسم بلدتهم منه, وقالت أنها مضطرة لغلق الهاتف حتى لا تتأخر علي قمرها الذي جاء في موعده, إنه يحبها ,يزور بلدتها ليالي طويلة من أجلها هي, ليؤنس وحدتها بعد ما يفرغ المنزل من أسرتها.
الفتاة البريئة التي تشفي طلعتها المصابين بالوحدة, راحت كلما لقيت قمرها تقبله بين شفتيه, قالت إن قبلاته مثل شلال هادر تحتويني , ولا أظمئ لأيام عديدة بعدها, وتعجبت البنت ذات التسعة عشر ربيعا من البنات اللواتي يقبلن بعضهن كلما التقين, كيف لهن أن يقبلن الأولاد في الغرف المغلقة, مقرف ما يفعلنه, لا أنا لا أفضل سوي قبلات القمر, إنها أكثر عذوبة, تجعلني أغمض عينيّ, بينما يغزوني, ويتسرب داخلي بمياهه العذبة السماوية.
بعدما أغلقت الفتاة الصغيرة الهاتف, اتجهت مباشرة الي مرآتها, وارتدت قميص نومها الرقيق, وراحت تنظر بإعجاب الي جسمها الجميل, كأنها تراه لأول مرة, رأت كيف أنها جميلة, تحدثت لنهديها الناهدين, وأبحرت صوب النهر الذي يفصل بينهما, وراحت تسرح: كم أنا جميلة, لابد أن يري القمر لون عينيّ, سوف أكشف له ما خفي من سحري, سأريه المرفأ الآمن, ما أجمل ساقيّ, سأجعل من خصري مركبا يقوده إلي بيته الدافئ... حلمت كثيرا بلمسة حانية من حبيبها, بينما كانت الموسيقي تأخذها الي سطح منزلها. وتنام بين ذراعي حبيبها.

***أطيلي قليلا كلمة واحشني, لقد كادت تدخلك بين أحضاني يا أيها المليكة البعيدة, أطيليها قليلا وساعتها سوف تشعرين بما أتمناه الآن, أطيليها. وأشعريني بالدفء يا بنت, هل تعلمين إلي أي مدي أفتقد الاتكاء علي ذراعيك, هل تعلمين كم أنا أحتاج في هذه الغربة إلي قليل من موسيقي كلماتك, وأنت تتحدثين إلي جواري فوق هضبة المقطم, بينما تنبعث الأغنيات والموسيقي من بعيد, وتحيط بنا النظرات المنسربة من عيون العابرين لتلتقط بعضا من همسات عينيك, إنهم يقولون كيف لهذه الفتاة الجميلة أن تجلس هكذا إلي جوار رجل يكبرها بأعوام كثيرة, رجل وخطه المشيط, ويحب ساحرة؟ هل تنيمه بين ذراعيها, هل يهمس لها أحبك بينما يكونا معا يلمسان السماء.
الكثير من الناس يحسدوننا يا قمر علي لحظاتنا, ويحاولون تخيل ما بيننا من أغاني, يبحثون عن الموسيقي التي تخصنا, أنا مازلت حتى الآن ابتكر هذه الموسيقي رغم انك في سريرك الآن, ولا أحد يري الخيط الخفي الذي يربط ما بيننا, قولي الآن ما يجول في خاطرك فسوف أسمعك وأنت تشعين في المرآة بملابسك الرقيقة, يا الله كم أنا مشتاق إليك الآن, تحدثي من أجل خاطري بما تشائين من كلمات, قولي أي شئ وسوف أصل إلي مكمن الضوء ما بين عينيك, سوف أصل إلي صدرك, ,أنام مثل أي بحار أنهكته الأمنيات التي لا تتحقق دائما.
أحكي لك عن إيه, أعتقد أن الكلام بحروفه الجافة المصمطة لا يمكن أن يعبر عن مشاعر واحد بعيد عن ناسه وحبايبه, الكلام هنا عاجز لأنه محتاج طول الوقت صاحبه عشان يوصله بنفسه لحبايبه, إيه يعني اني أقولك محتاجك, أو اقولك نفسي اشوفك, إيه يعني اني أقولك بحبك من غير ما ألمس ايدك, وأشوف تأثير كلامي في عيونك, وأعرف إذا كان الإحساس اللي عندي هو نفسه الاحساس اللي عندك, أنا مثلا باكتبلك دلوقتي عن مشاعري, بحاول أقرب منها أوصفها علي قد ما أقدر, لكن مش عارف إيه هو وقع كلامي عليك।

***الآن أنت في حضني, استشعر حرارة جسدك بين ذراعي, ضميني إليك بقوة, فعطشي إليك يجتاحني, ضميني إليك, وبوحي بما في روحك من لهيب, لعله يلتقي بالنار المتوقدة في داخلي.
أريد أن تحكي لي تفاصيل حياتك اليومية, أريدك أن تحدثيني حتى عما في مطبخك من أكل, حدثيني عن كل شئ, عن الماء عندما ينساب علي البلور, وأنت تغتسلين, , وأنت تحاورين بيديك المروج, وأنت تلمسين الوردة, وتتطلعين إليها في المرآة.
قولي لي كيف تقضين يومك, ومع من تتحدثين عندما تعودين إلي البيت, وماذا تقولين؟ حدثيني عن ملابسك القديمة وما تسمعينها من أغنيات, حدثيني عما تشترينه هذه الايام, ؟ حدثيني عن أمك الطيبة؟ وعن دولاب ملابسك, وسريرك المعلق بحبال الهواء, سريرك الموصول بأمنياتي.

***يبدو إني تعودت علي الغربة لا أري فرقا بين القمر هنا والقمر الذي ظللت أعوام كثيرة أتطلع إليه, تارة من فوق سطح منزلنا عندما كنت في بلدتي الصغيرة في صعيد مصر, وتارة أخري من قلب ميدان التحرير,عندما كنت في ليالي صيف القاهرة, استلقي بين عيني فتاة.
كان القمر أمس, وأول أمس, مضيئا بشكل ملفت لم أره من قبل, لكن ماذا يعني هذا؟ أقصد التأثير الذي تركه تبدي القمر علي هذه الصورة في روحي.
هنا يا أيتها المضيئة في ذاكرتي, أيتها النار المتوقدة في خيالي, سوف أضع أمام نفسي بعض ومضات من صدي وجودك في وجودي, ربما أشرت إلي الأسباب التي تقف وراء هذا الإحساس, وهذا التأثير الذي شع فجأة فيّ.
ولكن قبل ذلك اسأل نفسي هل وجود القمر في سماء غربتي يجعل المدن تتساوي, هل هذا التجلي القمري يساوي بين مدن يسكن بها أحباؤنا, وأخري تغيب الأحبة, وتأد المحبين. أجيبي أنت بعدما تسكن صورتك في المرآة, وتلمع عيناك بالغناء يا فتاة.
أعود الآن إلي القمر الذي تجلي في سمائي, واكتمل بهاؤه رغم وحدته, وشروده, هل كان تساوي تأثير القمرين سببه تساوي المدن في إيذاء العذارى في حدائق شرفاتهن المعلقة, هل صارت مدينتي أيضا تقتل المحبين مثل غيرها من المدن التي كنا نعيرها بأنها مدن بلا قلب, الآن يبدو أن المدن صارت في سباق للقتل, قتل الطموح والرغبة في الوجود, والإبداع, وإمساك السماء من قميص نومها الحريري.
صرنا إذن سواء في التحجر والتبلد, في بيع ما لا يباع, يا أيتها النظرة التي أحلّي بها الأشياء, وتتغني بها روحي, عندما تهيم في سرحتها إليك, في ليلة قمرية, حتى لو كانت ليلة موحشة خالية من هفهفات وجودك, وابتسامات عينيك, ما تحدثت عنه من تأثيرات للمدن علي الأقمار هنا أو هناك, ليس معناه إلغاء محبين عاشوا بيننا, نعرفهم بسيماهم, ويعرفوننا, فالمحبون في حياة المدن سوف يظلون هواءها التي يضمن لها البقاء علي الأرض, والحياة في مواجهة شوارعها, وطرقاتها, المحبون هم الذين يحفظون ماء وجه المدن يا جارة روحي.

***منذ أيام وأنا انتظر, رسائل الموسيقي التي ترسلينها إلي هنا حيث موضع شراييني, رسائلك هي التي تردني لي, أنا الذي تغربت عني منذ سنوات, ومازلت في انتظار عودتي.
إن رأيتني في مكان ما, قولي لمن تصادفينه من العشاق, رده إلي بلاده, إلي ذويه, ولك من الأجر قدر ما كسبت يداك.
لماذا تتأخرين في الكتابة, مرت أيام, وسكان الصحاري لا يقدرون علي العيش بلا ماء, أو غناء؟
قولي لطيفك ينثني عن مضجعي, فأنا هاهنا واقف وحيدا بلا ظل, ولا استطيع هكذا إلا أن استقبل الأحلام بين اليقظة والنوم, علي قلق, أمرر ما أهفو إليه علي روحي, ويستبد بي الأرق, لماذا لا ترطبون هواء الشرفات, عالق بالشرفة, ولا أحد هناك علي الطريق, لا بشير يضئ الشمعة المرهقة.
كل من في حماك يهواك لكن أنا وحدي بكل من في حماك.

***يا صاحبة الأنوثة الفذة, لماذا الإصرار علي أنك( لست جميلة) كما تقولين بحروف غاية في الثقل, من أين جئت بهذه القدرة علي تعذيب نفسك, من أين جئت بهذا اليقين في الحكم علي (أنوثة) أحببتها كثيرا, وذقت حلاوتها, أنا الذي اختبرت عذوبتها। أخاف من هذا الكلام علي روحي, وأرجو أن تتوقفي عنه, ما أرجوه منك أن تنادمي الوردة, وتعتني بحبتيّ الكريز, وبعدها دعي النهر يمضي أمنا حتى مصبه, أما النبع المعذّب. فاتركيه لحاله, هو يعرف ما يريد, وسوف يأخذك إلي روضته, ومروجه, وفيافيه.
سوف تغمضين عينيك, ويقودك هو إلي ما تشتهين, ساعتها سوف تدركين كم أضعت من ليالي كان عليك قضاؤها في رعاية كنوزك التي تخبئينها وراء شعورك القاسي المهلك.
نسيت أن أقول لكم إن المليكة يومها لم تصعد إلي السطح, لكنها استيقظت في الصباح. فوجدت نفسها, تضم وسادتها إلي صدرها, بينما مازال يدور في خاطرها تفاصيل ما حدث ليلة أمس, صوتها الذي عانق صوتا آخر من بني البشر, والذي ذاب في عذوبته, تعجبت المليكة مما حدث, كيف أهملت موعدها مع حبيبها القمر, كيف نسيته, ونامت تتأمل تفاصيل ما جري عبر الهاتف مع المجهول, ألم يكن من الأجدر بها أن تذهب إلي أعلي, وتفي بموعدها, وتقدر كل ما يتكبده قمرها من مشقة من أجل الوصول إليها.
المليكة الصغيرة النائمة الآن علي حرير أحلامها, التي تنمو في مواجهة سريرها الصغير ورود اللافندر, وحقول الحناء, مليكتي صاحبة العينين الرقيقتين العميقتين, التي تفرد ذراعيها كل صباح ليعرف العشاق الطريق إلي باب الجنة, باتت دون أن تلتقي بقمرها علي غير عادتها, وتركته حائرا لم تبعث له حتي باعتذار, أو تبرير لغيبتها الاستثنائية, ماذا جري لها؟ ما هذه الحيرة التي تلف كيانها؟, لماذا غفت في مكانها في مواجهة الهاتف, معطية ظهر ها للشرفة بينما كان القمر يتحرق شوقا للنظر إلي وجهها البرئ.
ظلت المليكة لساعات, بعد يقظتها الفارقة في حياتها, تتأمل ما جري لها, تتأمل تأثير الليلة الفائتة, علي قسمات وجهها, وخصرها, وجيدها, راحت تنظر في المرآة ربما عثرت علي السر الكامن وراء تبدل حالها, وراء حبها لجسمها, وتفتح عينيها علي جمالها الذي راح يدفعها إلي أن تغني لتفاصيل لم تكن ترها من قبل, ما الذي جري بين يوم وليلة؟, كيف أحبت صوتها, وطبقاته, عذوبته, وحنانه, رقته وفتنته؟ قالت المليكة لنفسها أنا في روح حبيبي, هو في روحي, آه لو قبلته, آه لو قبلني, عندما ألتقيه سوف أجعله يغيب بين شفتي, سآخذه بين أحضاني, وأدعو له بأن يهتدي إلي فيافيّ, ومروجي, سآخذه ليتجول في دروبي, وعندما يعود مني سوف أسأله كيف وجدتني يا حبيبي, صفني لي أنا لا أعرفني, صفني لي لأتقرب إليّ, وأحبني.

***قالت تبدل حالي فجأة, حين أخذني في حضنه كنت لا أطيق أنفاسه, كنت , قبل أن يخلع نعليه, ويدخلني, أتمني أن أموت, لكنه حين ناولني الطعم, بحنانه المفعم بالدفْ, والرقة, بدل حالي من كارهة إلي عاشقة متيمة, إلي ميتة في حضنه, وكنت وقتها لا أريد أن يتركني أذهب, أعزروني إذن, كونوا قادرين علي استيعابي, وتقدير موقفي, وفهم روح أحبت في موقف لم تكن قد احتاطت له. وقدرته حق قدره, الحب شئ غريب, يا أخوتي,بالتأكيد انتم جربتموه, ووضعتم أيديكم علي مخابئ سحره الذي يبدل الأرواح.
فلماذا أذن تلومونني علي ما دفعتموني إليه, لماذا تلومونني, أنتم الذين أكرهتموني علي الحب, وحين أقبلت عليه بكامل جوارحي. قلتم لقد أحبت. كانت تقول أنها تقرف من مجرد التقبيل, لكنها الآن تحب بكل كيانها, وتتمرغ في ندي الليالي الملونة, وبكل الألوان الزاهية.
نعم لقد بدل حبيبي حالي بناقوسه الذي كان يدق بداخلي, كان عند كل مرة يلقاني عند منحدرات نفسي, يجعلني أطفو فوق موجه, ويغوص بي حتى القاع, جعلني أحسد اللؤلؤ الذي يلامسه بسناره, أصارحكم القول ما عاد لي قدرة علي النقاش معكم في هذا الامر, وغلق ابواب قلبي دونه من رابع المستحيلات.
إنني أحدثكم كما يليق بكم واستخدم, واعذروني علي ذلك, اللغة التي تتناسب معكم, ألستم تقولون عندما تغلقون الأبواب أمام محدثيكم هذه العبارة من رابع المستحيلات, وبعدها تتراجعون عندما تكون هناك صفقة ما تتم, أما أنا فلن أتراجع عن وصال حبيبي, واضربوا رؤوسكم في اقرب حائط صلد تواجهونه, ألستم تستخدمون أيضا مثل هذا الكلام عندما لا تجدون ردا علي ما تفعلونه من تجاوزات تجاه الناس,,, يا الله أتمني مخلصة لكم أن تدركوا أن ما تفعلونه مكشوف أمام الجميع, لقد صار مكشوفا ومزريا, ويدعو للخجل, بينما أنتم تواصلون أكاذيبكم بجسارة تحسدون عليها ودون أدني إحساس بالموقف الذي تضعون أنفسكم فيه.
اتصلتم بي منذ أيام. ووجدتموني نائمة قريرة العين, بعد ليلة حب, استدارة قمرها كاملة, فهل كنا علي موعد, وكان اتصالكم بي بناءا علي اتفاق مسبق, ام أنكم اتصلتم صدفة, أظن أنه كان كذلك, وقد أدركتم بعده أنني أصبحت محبة لآخر مدي.
عندما يأتي حبيبي يأخذني بين ذراعيه, ويطويني في حضنه, فأظل مشرعة لأمطاره الغزيرة:
اروني يا حبيبي, إنني ظمآنة, وأرضي واسعة, ولا راو إلا أنت, لا عاصم اليوم من أمر حبك, دعك منهم, أنهم كانوا يريدونني لأنفسهم, لكنني الآن لك, لك أنت يا حبيبي। فاملأ البئر بما تري من محبة, املأه بالماء الزلال أو بالملح الأجاج, لا فرق يا حبيبي, فلا أهم من وجودك, وليذهب الجحيم إلي الجحيم.

الخميس، 23 أبريل 2009

ماذا في بريد هذا الصباح

منذ أيام
ونحن معلقون في أحبال الهواء.
من لبيوتهم شبابيك فليعذرونا.
وليفتحوا شرّاعاتها علي شرودنا.
يا القديسون
يا أخوان الملائكة
يا الباعة الجائلون
ويا مراقبو طيوف حبيباتكم.
طيور قلوبنا
دلّونا علي وكناتها.
منذ كم نظرة
ونحن نقلّب وجوهنا في النوافذ.
يمر الحكماء
وتأكل أرواحنا ريبتهم.
وبأياد مرتعشة يرتبون الآسرة
ويخفون مراياهم.
/ما الذي يخيفكم أيها الموتي؟
خذوا فقط حذركم.
هذه المرأة تجاوزت الأربعين
وهي تسير في الشوارع العتيقة.
ما رآها واحد وظنها تدعي النبوة.
أو تتحدث عن بدانتها وفساتينها
وهي ترفض مصاحبتها في الطريق.
اعتدلت علي كرسي عرشها الثالث آنذاك.
طأطأت رأسها تبكي مسجونيها المتسامحين
مع آلامهم.
كانوا علي مقربة من ملابسها المبللة ينشجون/
لو أن لقلوبنا مفاتيح
لطيرنا عصافيرها.
ولعشنا باقي أعمارنا حزاني.
لا شأن لمن ماتوا بنا.
أحبّونا ولم يستطيعوا تجاوز وحدتهم.
هاجروا لبلاد لم يكونوا بالغيها
إلا بشق الأنفس.
غادرونا دون أن يسألوا ماذا في بريد هذا الصباح.

الأربعاء، 22 أبريل 2009

The artist's world is limitless. It can be found anywhere, far from where he lives or a few feet away. It is always on his doorstep."
Paul Strand

"I believe in Michelangelo, Velasquez, and Rembrandt; in the might of design, the mystery of colour, the redemption of all things by Beauty everlasting; and the message of Art that has made these hands blessed."
George Bernard Shaw

"The task of art is enormous. Through the influence of real art, aided by science, guided by religion, that peaceful co-operation of man is now obtained by external means-by law courts, police, charitable institutions, factory inspection, etc.-should be obtained by man's free and joyous activity. Art should cause violence to be set aside. And it is only art that can accomplish this."
Leo Tolstoy