الأحد، 3 مايو 2009

هذه القصيدة كتبتها ذات شتاء قاهري, ولم يكن قد مر سوي أيام قليلة من العام الجديد, وأنا أهديها هنا إلي ثلاثة من أصدقائي: الشاعر صادق شرشر, وفنان الكاريكاتير الكبير حسانين, والكاتب الصحافي أحمد محجوب, فقد عاصروا الكثير من أيام وجودها.


شرك يافع آخر
وقتيل يومي.



أنا الجرح لا أرتدي القلب
كي تستحم العذارى في دماي.
تعاتبني البنت:
ماذا تركت لنا؟
قلت:
صوتي,
وسور من الموت,
يجلس خلفه حجر يشاركني انتظارك
صامتا.

يا عابرون قليلا من الغيم حتى أخبئ
صمتي.
أنا الولد الغائب الحي
كيف تذكرت تاريخ موتي الأخير.
وتركتني وحدي,
كأني لم أر الأشجار تأكل ظلها,
والسائرون بشارع التحرير يستفتون
عني ساعة الميدان.
حتى إذا دخلوا المقاهي
جاهروا:
خلت الشوارع يا نبي العشق,
غن.
ليس من جبل ليغسل روحنا,
ولا من ساعة أخري
لكي تتحرر الشرفات من مستوطنيها.
إننا شجر أقام علي الرصيف
نحاول فرحة,
حتى إذا متنا تيقظت الحروق.

تطلعت في الحي,
شارة موت تقابلني.
أأتركني لها وحدي.
وأنمو خلف بابي.

من يقول لهن ولد مارق عند المدينة
ضاعت ملامحه.
تلفت في الخرس.
أسري بليل في نهار,
ثم عاد بلا نخيلته,
وخبأه المسير من الرعاة.

هل جاء أخر طلقة متمهلا؟
أم أن التي قتلته غلقة’ بابه؟
واروه من قلل تكذبه إذا أظما,
ومن صبّارة ستمر,
كي لا يراه الحي والدور التي تجري بلا عتباتها
وتخاف أسطحها.
وقولوا:
قد تورق في الخيام,
والبدو لا يتعرفون علي نسيج حطامه
من سوف يتبعه
فنعرف روحه في إثر من.

"سأدعو الذي ليس شعبي شعبي,
والذي ليس محبوبي محبوبي"

كان يهمس,
من تسمّع روحه حفّتْ بشرفات المنازل؟
كان ينوي أن يقول لها,
جميع هواجسي لشوارع الهرم التي اصطفت
لأنك ترتدين اليوم حلة آخر الأيام.
من سيكذب الأولاد حين يثرثرون علي الحوائط.
عاشق حلت به البنت التي امتحنته من ربع المسافة
من سيعرفه إذن؟
يأوي إليه الناقمون إذا أسرّ لهم
خاف علي طرقي
وقلبي بادية.
أري الأقران حوذيين.

ضميني أقول لك اندملت.
وحرفي لغتي
لتضربني الأهلة.
كم جميل مر غير قتيل؟
من منّا سيصعد صنوه,
ويبص من شباكه؟
ماذا انتثرت’ لكي تلميني رمادا في الرمال!


يقول الشارب المعقوف:
لست تحط’ نهرا بين نهديها.
أقول:
أرقت الشرود.
فباهت الدقي سواحرها ببنت الصف,
ثم الفندق التبست عليّ مياهه في شارع الكورنيش.
والنادي اجتماعيا ظننت.
أكان بعض الخمر يجعلني
ألاعب طيف ناصية
وأهتف:
يا أبي
أنفاس من عبروا تناءت.
هل صعدت؟
أم النيام تناقلوا حلما بعينك؟
والنساء قد اختمرن.
ورحن خلف خيامها يهتفن:
شفناها.
أعطنا يا رب من خطراتها المعني,
ومن كلمات عينيها الملاحة.
لتجعلها تحب غسيلنا.
إنّا تعرينا,
وشفناها ترد لمركب في الليل شاطئها.
وفاحت في العراء لواعج الثوب الشفيف.

أنا هنا
ماذا إذا قلت الصباح
وما عرفت طريق غرفتها
ولم أجد الأواني حيث كانت.
هل أخاف علي اشتعال رموش عيني.
هل أقرفص دون كفيها
وأسعى للذين سيهربون إذا مررت بهم.
أنا لم أر الوجه الذي أخفيته بالأمس من جوعي.
وأرسلت الرحال لكي تجئ بغير هذا اليوم
أكرهه شتائيا.
وأسعى كي أري شباكها في صمت أمي.

هل نامت لديكم من دعوت
الخيمة انغلقت علي من لم يناد,
ولم أر الأنسام تسحقه.
خضراء في كفي خطوط رحيلها
قد لا تري شهدي
لكي تأوي إليه.

هناك تعليقان (2):

أمجاد يقول...

(كأني لم أرى الأشجار تأكل ظلها)

لاتدارك الصوره
هنالك زمن يسبق الدهشه
وايام تتبعها

كم مره صلت الشمس
أن لا يغيب وجودها عن الارض
حل الجوع
واكتمل نموالالم
فمات الظل
في افواه الشجر
\
/
\
بعض الجمال يسكن الحروف الصمت
هنا...
لا أملك سوها
(كم أنت مبدع)

حمدي عابدين يقول...

وكم أنت جميلة يا أمجادي, كم تخيلت هذه القصيدة بكل سطورها ومعانيها لك أنت.

لعينيك الحوراوين
لسوادهما العميق العظيم.
أه لو أسكنهما.
وأغفو.
كم تخيلتها تنام بحروفها علي ضفاف صدرك.
في جنته الوارفة الظلال تفرد شعر أمنياتها
وتطير.