صراعات القوي والمصالح وأليات صنع القرار في إيران
حمدي عابدين
تأتي قضايا مثل العلاقات مع أميركا ودول الغرب وتطوير الاقتصاد والخصخصة وتصدير الثورة والحريات والعدل الاجتماعي على رأس اهتمامات الكاتب الإيراني حجت مرتجي في كتابه الذي اصدره حديثا المجلس الأعلى للثقافة عبر مشروعه القومي للترجمة. وهو يحلل رؤى ووجهات نظر التيارات السياسية المؤثرة في ايران حاليا. ويشير المؤلف إلى أن التوجهات السياسية والاقتصادية والثقافية لدى هذه التيارات لا تصدر عن رؤية واحدة.ونسق واحد، وهذا يتضح في أن تيار رجال الدين يؤمن في المجال السياسي بالنظام المفتوح، لكنه في مجال الاقتصاد يدافع عن نظام السيطرة التامة على الاقتصاد. أن تيار رجال الدين من اقوى التيارات الدينية في ايران الذي يؤمن في المجال السياسي بالنظام المفتوح، لكنه في مجال الاقتصاد يدافع عن نظام السيطرة التامة على الاقتصاد.وعلى جانب آخر، هناك تيار ديني يؤمن في المجال السياسي بالنظام المغلق، ولكنه في المجال الاقتصادي يرى ضرورة الأخذ بنظام السوق الحرة. وثقافياً، يرى هذا التياران الدفاع عن القيم الاسلامية في الجمهورية يأتي من مراقبة المواد الثقافية المنتجة داخل السوق الثقافية الايرانية.أما تيار "الدفاع عن القيم"، فيؤمن بالنظام المغلق على الجانب السياسي ويعارض نظام الاقتصاد الحر مدافعا عن تدخل الدولة في إدارة جهازها الاقتصادي كما يؤكد انصار التيار على ضرورة مراقبة الثقافة ورفض كل القيم الغربية الواردة من الخارج وضرورة حصارها.ويؤمن تيار "حزب الله" بالنظام المغلق في مجال السياسة والثقافة، ويدافع عن تدخل الدولة في المجال الاقتصادي، وعلى نقيضه يأتي تيار "رسالة الطالب" الذي يؤمن بالنظام الحر في السياسة، لكنه يطالب بتدخل الدولة في النظام الاقتصادي. وأما مواقفه الثقافية فتتراوح بين التشدد والانفتاح حيث يحارب "رسالة الطالب" الغزو الثقافي، ويرى ضرورة منع الثقافة الغربية من التسلل إلى الجمهورية الايرانية. ويطالب تيار رسالة الطالب السلطات الحكومية والطبقات الشعبية بالعمل على اجتثاث الثقافة الغربية والقضاء علي منافذها، لدرجة إنه كان يعارض الاستفادة من القمر الصناعي، ويحذر من مضاره، الا انه عاد واشار إلى أن امتلاك الاطباق حرية شخصية ولا ينبغي للدولة أن تتدخل في حياة الافراد إلى هذا الحد.والامر نفسه يمكننا ملاحظته في قضية حجاب المرأة الايرانية حيث يعترض تيار رسالة الطالب على رأي رئيس الجمهورية هاشمي رفسنجاني في مسألة عدم ارتداء الحجاب، الذي ذكره في حوار له مع "سي إن إن"، لكنه يعود ويغير وجهة نظره وموقفه من الحجاب، اذ يقول طبرزدي، رائد هذا التيار في احد اللقاءات، إن التشدد المبالغ فيه مع السيدات في مسألة الحجاب ليس صوابا، وينبغي أن يكون دور الدولة ارشاديا فقط. ويعترض تيار رسالة الطالب على سيطرة الدولة على المنتجات الثقافية قبل نشرها، ويؤكد طبرزدي ضرورة الاشراف عليها بعد النشر، مشيرا إلى أن الخسارة في فتح المجال الثقافي اقل من الخسائر المترتبة على سياسة اغلاقه والتشدد في مراقبته، والتي يمكن الاستعاضة عنها بضرورة وجود دور للدولة من خلال برامج التوعية والإرشاد من دون اللجوء إلى سياسات الفرض والتشدد.} مواقف "حزب الله" } وعلى نقيض تيار رسالة الطالب، تأتي مواقف "حزب الله" الثقافية المعارضة للانفتاح الثقافي، والمطالبة بضرورة السيطرة الدقيقة على المنتجات الثقافية، وعدم الاعتماد على الناشرين في مراقبة مضمون الكتب والمطبوعات التي يصدرونها. ويعارض "حزب الله" التنوع الثقافي ويعتبره احد المجالات المساعدة على الغزو الثقافي. وهذا الرأي هو، حسب الكاتب، نتيجة ايمان الحزب بنظرية المؤامرة ومعارضته أي نوع من التبادل الثقافي حيث يرى ضرورة سد الثغرات التي تتسلل منها الثقافة الغربية. وهو يعارض حتى ترجمة المقالات والموضوعات التي تنتشر في صحف ومجلات الغرب، وهذا ما يتجلى واضحا في ما تنشره صحيفته "يا لثارات الحسين" والتي ترى أن الترجمة تعتبر من ابرز مجالات الغزو الثقافي.أما من ناحية الحجاب، فيرى "حزب الله" أن المرأة الإيرانية لا يناسبها الا الحجاب الأسمر، ويطالب بفصل النساء عن الرجال في المحافل العامة، وينتقد اللوحات والتماثيل التي تصور النساء في حالة استرخاء في متاحف الفنون المعاصرة في طهران. ويوصي الحزب بضرورة تدريس مثل هذه الأشياء والموضوعات ضمن مقررات التعليم المختلفة.أما تيار العمال، فهو مخالف في توجهاته الثقافية لـ"حزب الله"، فهو يرى فوائد في فتح المجال الثقافي، ويؤكد أيضاً ضرورة التبادل الثقافي، ويوصي بالمراقبة على الأعمال الثقافية بعد نشرها. وهو ضد مراقبة الدولة للإنتاج السينمائي، والكتب والصحف قبل طبعها، معتبراً أن ذلك يعيق سبيل الإبداع. بدلاً من ذلك، هو يوصي بالتوجيه والتخطيط لأنهما اجدى من التشدد والمراقبة. ويطالب انصار تيار العمال بتهيئة الأجواء لزيادة الإنتاج الثقافي وتنوعه ودفع عمليات التبادل الثقافي للأمام ونشر المبادئ الثقافية الجديدة وان كانت في ظل المساجد وتحت سيطرة العلماء.بالمقابل، يرفض تيار آخر قوي هو تيار الزعامة الدينية التبادل الثقافي بسبب نظرته الضيقة للدين، ويعتبره خطرا على الثقافة الدينية. من هنا يطالب بضرورة السيطرة على الأنشطة الثقافية من قبل الدولة، معتقدا أن هذه السياسة "سوف تجعل المجتمع الإيراني مجتمعا اخلاقيا". كما يدافع هذا التيار عن سياسة الإشراف على الأفكار الثقافية قبل نشرها، وضرورة حصر وسائل الأقمار الصناعية لأنها تشكل منفذا للأنشطة التخريبية باعتبارها إحدى ادوات العدو الغربي في الغزو الثقافي ويدعو التيار إلى إسناد الأنشطة الثقافية إلى رجال الدين على اعتبار انهم القادرون على رعايتها ومراقبتها.ويذكر المؤلف أن تيار رجال الدين يطالب بالإشراف على الثقافة بعد نشرها وان يكون لدى الدولة قاعدة متميزة للكاتب تكون نموذجا لما تفرزه الثقافة ويشير إلى انه بناء على ذلك ينبغي أن يكون الناشرون والمبدعون خدما للثقافة. وهم يعتبرون أن سياسة الثواب والعقاب هي افضل طريقة لمن يعمل في هذا المجال، وان نظام قانون الصحف تجربة مفيدة يمكن تعميمها في المجالات الثقافية.} غزو ثقافي } يرى انصار تيار رجال الدين أن هناك غزوا ثقافيا يواجه المجتمع الايراني، وان القضاء عليه ينبغي أن يتم بايجاد نوع من التوازن في الإنتاج الثقافي، وتوجيه برامج التعليم وأجهزة الثقافة التابعة للسلطة والمجتمع، وتقليل نسبة البطالة. ويتضح من هذا أن تيار رجال الدين يرى أن المعوقات الثقافية لها جذور داخلية كامنة، وان مواجهة الغزو الثقافي يحتاج إلى بحث في هذه المعوقات الناجمة عن الداخل اكثر من البحث عنها في ملابسات خارجية كالتآمر الخارجي مثلا. ويرى انصار تيار رجال الدين أن اصلاح الأمور الثقافية في ايران يبدأ من اصلاح الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورغم أن هذا التيار يخشى الغزو الثقافي ويقترح السياسات والخطط لمواجهته إلا انه يهتم بالتبادل الفكري والثقافي.من هنا يمكن القول، حسب رأي حجت مرتجي، إلى أن تيار رجال الدين لديه استراتيجية ثقافية اساسها تأصيل الثقافة الذاتية والموضوعية ومؤازرة التبادل الثقافي والاستفادة من الأساليب الحديثة في نشر الثقافة والحفاظ على الهوية، بالإضافة إلى الاحتراس الشديد من الطبقية والجمود ومحاربة مظاهرهما وتقنين العلاقات الثقافية.لكن تيار "الدفاع عن القيم" يضع المسائل الثقافية في مرتبة اولى قبل القضايا السياسية والاقتصادية. ويرى انصاره أن التطور الثقافي الكامل هو الهدف الأساسي للثورة الإسلامية وان القيام بأي نوع من التغيير في البناءات السياسية والإصلاح الاقتصادي لا بد أن يكون نابعا من هذا الفعل الثقافي المتطور في الرؤى وإصلاح المسارات والأساليب المتبعة. ويرفض هذا التيار التبادل الثقافي مع الغرب، ويرى أن تجاهل مواجهته يمثل أحد العناصر التي تضر بالهوية، ويوصى انصار تيار الدفاع برعاية مبادئ وقيم الثورة في مواجهة تيارات الغزو الثقافي المسمومة ونشر الوعي الثقافي وتوضيح القضايا الاساسية التي ينشغل بها المجتمع الإيراني، كما يدعو انصاره إلى ضرورة إشراف رجال الدين على الثقافة.ويتناول المؤلف، عبر فصول عديدة، رؤية كل تيار لقضية اختيار الولي الفقيه ودور الشعب في ذلك، فيشير إلى تيارات الزعامة الدينية و"حزب الله" والدفاع عن القيم يرون أن الشعب لا دور له في اختيار الولي الفقيه بينما يرى تيار رجال الدين والعمال ورسالة الطالب أن الشعب هو الذي يختار الولي الفقيه. وبناء على ذلك، تؤمن التيارات الثلاثة الاولى، أن الولي الفقيه غير مسؤول أمام الشعب.أما تيار العمال ورسالة الطالب ورجال الدين فيقررون مسؤولية الفقيه أمام من اختاروه. ولعل موقف كل تيار من الولي الفقيه ينبع من نظرته إليه، حيث تتوافق تيارات الزعامة الدينية وتيار الدفاع عن القيم و"حزب الله" على تقديسه، فيما تعارض تيارات رسالة الطالب ورجال الدين والعمال ذلك.أما عن نظرة كل من هذه التيارات للحرية فيذكر المؤلف أن تياري حزب الله والزعامة الدينية يعتبرانها امتيازاً تمنحه الحكومة للشعب، أما تيارات رجال الدين والعمال والدفاع عن القيم ورسالة الطالب فيرون أن الحرية حق إلهي وطبيعي للشعب غير مسموح للحكومات المساس به. ويقرر المؤلف أن هناك تيارات في الشارع الإيراني تدافع عن إبلاغ الثورة وتصديرها إلى الدول الإسلامية المجاورة ويرون أن ذلك سوف يكون أحد عوامل الحفاظ على القيم الإسلامية الثورية ومساندتها في حربها مع أعداء الثورة في الخارج والداخل. وهناك تياران فقط يعارضان ذلك هما تيارا رسالة الطالب والعمال، أما باقي التيارات فترى أن على ايران أن تصدر النموذج الثوري بها إلى الخارج.أما بالنسبة للعلاقات الخارجية الإيرانية وبالتحديد مع أميركا فتعارض تيارات الزعامة الدينية ورجال الدين و"حزب الله" والدفاع عن القيم، أي علاقات سياسية مع أميركا، ويرون أنها العدو الأول للثورة الإيرانية ولا يوجد استثناء لهذا الرأي إلا عند تيار رسالة الطالب وتيار العمال
حمدي عابدين
تأتي قضايا مثل العلاقات مع أميركا ودول الغرب وتطوير الاقتصاد والخصخصة وتصدير الثورة والحريات والعدل الاجتماعي على رأس اهتمامات الكاتب الإيراني حجت مرتجي في كتابه الذي اصدره حديثا المجلس الأعلى للثقافة عبر مشروعه القومي للترجمة. وهو يحلل رؤى ووجهات نظر التيارات السياسية المؤثرة في ايران حاليا. ويشير المؤلف إلى أن التوجهات السياسية والاقتصادية والثقافية لدى هذه التيارات لا تصدر عن رؤية واحدة.ونسق واحد، وهذا يتضح في أن تيار رجال الدين يؤمن في المجال السياسي بالنظام المفتوح، لكنه في مجال الاقتصاد يدافع عن نظام السيطرة التامة على الاقتصاد. أن تيار رجال الدين من اقوى التيارات الدينية في ايران الذي يؤمن في المجال السياسي بالنظام المفتوح، لكنه في مجال الاقتصاد يدافع عن نظام السيطرة التامة على الاقتصاد.وعلى جانب آخر، هناك تيار ديني يؤمن في المجال السياسي بالنظام المغلق، ولكنه في المجال الاقتصادي يرى ضرورة الأخذ بنظام السوق الحرة. وثقافياً، يرى هذا التياران الدفاع عن القيم الاسلامية في الجمهورية يأتي من مراقبة المواد الثقافية المنتجة داخل السوق الثقافية الايرانية.أما تيار "الدفاع عن القيم"، فيؤمن بالنظام المغلق على الجانب السياسي ويعارض نظام الاقتصاد الحر مدافعا عن تدخل الدولة في إدارة جهازها الاقتصادي كما يؤكد انصار التيار على ضرورة مراقبة الثقافة ورفض كل القيم الغربية الواردة من الخارج وضرورة حصارها.ويؤمن تيار "حزب الله" بالنظام المغلق في مجال السياسة والثقافة، ويدافع عن تدخل الدولة في المجال الاقتصادي، وعلى نقيضه يأتي تيار "رسالة الطالب" الذي يؤمن بالنظام الحر في السياسة، لكنه يطالب بتدخل الدولة في النظام الاقتصادي. وأما مواقفه الثقافية فتتراوح بين التشدد والانفتاح حيث يحارب "رسالة الطالب" الغزو الثقافي، ويرى ضرورة منع الثقافة الغربية من التسلل إلى الجمهورية الايرانية. ويطالب تيار رسالة الطالب السلطات الحكومية والطبقات الشعبية بالعمل على اجتثاث الثقافة الغربية والقضاء علي منافذها، لدرجة إنه كان يعارض الاستفادة من القمر الصناعي، ويحذر من مضاره، الا انه عاد واشار إلى أن امتلاك الاطباق حرية شخصية ولا ينبغي للدولة أن تتدخل في حياة الافراد إلى هذا الحد.والامر نفسه يمكننا ملاحظته في قضية حجاب المرأة الايرانية حيث يعترض تيار رسالة الطالب على رأي رئيس الجمهورية هاشمي رفسنجاني في مسألة عدم ارتداء الحجاب، الذي ذكره في حوار له مع "سي إن إن"، لكنه يعود ويغير وجهة نظره وموقفه من الحجاب، اذ يقول طبرزدي، رائد هذا التيار في احد اللقاءات، إن التشدد المبالغ فيه مع السيدات في مسألة الحجاب ليس صوابا، وينبغي أن يكون دور الدولة ارشاديا فقط. ويعترض تيار رسالة الطالب على سيطرة الدولة على المنتجات الثقافية قبل نشرها، ويؤكد طبرزدي ضرورة الاشراف عليها بعد النشر، مشيرا إلى أن الخسارة في فتح المجال الثقافي اقل من الخسائر المترتبة على سياسة اغلاقه والتشدد في مراقبته، والتي يمكن الاستعاضة عنها بضرورة وجود دور للدولة من خلال برامج التوعية والإرشاد من دون اللجوء إلى سياسات الفرض والتشدد.} مواقف "حزب الله" } وعلى نقيض تيار رسالة الطالب، تأتي مواقف "حزب الله" الثقافية المعارضة للانفتاح الثقافي، والمطالبة بضرورة السيطرة الدقيقة على المنتجات الثقافية، وعدم الاعتماد على الناشرين في مراقبة مضمون الكتب والمطبوعات التي يصدرونها. ويعارض "حزب الله" التنوع الثقافي ويعتبره احد المجالات المساعدة على الغزو الثقافي. وهذا الرأي هو، حسب الكاتب، نتيجة ايمان الحزب بنظرية المؤامرة ومعارضته أي نوع من التبادل الثقافي حيث يرى ضرورة سد الثغرات التي تتسلل منها الثقافة الغربية. وهو يعارض حتى ترجمة المقالات والموضوعات التي تنتشر في صحف ومجلات الغرب، وهذا ما يتجلى واضحا في ما تنشره صحيفته "يا لثارات الحسين" والتي ترى أن الترجمة تعتبر من ابرز مجالات الغزو الثقافي.أما من ناحية الحجاب، فيرى "حزب الله" أن المرأة الإيرانية لا يناسبها الا الحجاب الأسمر، ويطالب بفصل النساء عن الرجال في المحافل العامة، وينتقد اللوحات والتماثيل التي تصور النساء في حالة استرخاء في متاحف الفنون المعاصرة في طهران. ويوصي الحزب بضرورة تدريس مثل هذه الأشياء والموضوعات ضمن مقررات التعليم المختلفة.أما تيار العمال، فهو مخالف في توجهاته الثقافية لـ"حزب الله"، فهو يرى فوائد في فتح المجال الثقافي، ويؤكد أيضاً ضرورة التبادل الثقافي، ويوصي بالمراقبة على الأعمال الثقافية بعد نشرها. وهو ضد مراقبة الدولة للإنتاج السينمائي، والكتب والصحف قبل طبعها، معتبراً أن ذلك يعيق سبيل الإبداع. بدلاً من ذلك، هو يوصي بالتوجيه والتخطيط لأنهما اجدى من التشدد والمراقبة. ويطالب انصار تيار العمال بتهيئة الأجواء لزيادة الإنتاج الثقافي وتنوعه ودفع عمليات التبادل الثقافي للأمام ونشر المبادئ الثقافية الجديدة وان كانت في ظل المساجد وتحت سيطرة العلماء.بالمقابل، يرفض تيار آخر قوي هو تيار الزعامة الدينية التبادل الثقافي بسبب نظرته الضيقة للدين، ويعتبره خطرا على الثقافة الدينية. من هنا يطالب بضرورة السيطرة على الأنشطة الثقافية من قبل الدولة، معتقدا أن هذه السياسة "سوف تجعل المجتمع الإيراني مجتمعا اخلاقيا". كما يدافع هذا التيار عن سياسة الإشراف على الأفكار الثقافية قبل نشرها، وضرورة حصر وسائل الأقمار الصناعية لأنها تشكل منفذا للأنشطة التخريبية باعتبارها إحدى ادوات العدو الغربي في الغزو الثقافي ويدعو التيار إلى إسناد الأنشطة الثقافية إلى رجال الدين على اعتبار انهم القادرون على رعايتها ومراقبتها.ويذكر المؤلف أن تيار رجال الدين يطالب بالإشراف على الثقافة بعد نشرها وان يكون لدى الدولة قاعدة متميزة للكاتب تكون نموذجا لما تفرزه الثقافة ويشير إلى انه بناء على ذلك ينبغي أن يكون الناشرون والمبدعون خدما للثقافة. وهم يعتبرون أن سياسة الثواب والعقاب هي افضل طريقة لمن يعمل في هذا المجال، وان نظام قانون الصحف تجربة مفيدة يمكن تعميمها في المجالات الثقافية.} غزو ثقافي } يرى انصار تيار رجال الدين أن هناك غزوا ثقافيا يواجه المجتمع الايراني، وان القضاء عليه ينبغي أن يتم بايجاد نوع من التوازن في الإنتاج الثقافي، وتوجيه برامج التعليم وأجهزة الثقافة التابعة للسلطة والمجتمع، وتقليل نسبة البطالة. ويتضح من هذا أن تيار رجال الدين يرى أن المعوقات الثقافية لها جذور داخلية كامنة، وان مواجهة الغزو الثقافي يحتاج إلى بحث في هذه المعوقات الناجمة عن الداخل اكثر من البحث عنها في ملابسات خارجية كالتآمر الخارجي مثلا. ويرى انصار تيار رجال الدين أن اصلاح الأمور الثقافية في ايران يبدأ من اصلاح الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورغم أن هذا التيار يخشى الغزو الثقافي ويقترح السياسات والخطط لمواجهته إلا انه يهتم بالتبادل الفكري والثقافي.من هنا يمكن القول، حسب رأي حجت مرتجي، إلى أن تيار رجال الدين لديه استراتيجية ثقافية اساسها تأصيل الثقافة الذاتية والموضوعية ومؤازرة التبادل الثقافي والاستفادة من الأساليب الحديثة في نشر الثقافة والحفاظ على الهوية، بالإضافة إلى الاحتراس الشديد من الطبقية والجمود ومحاربة مظاهرهما وتقنين العلاقات الثقافية.لكن تيار "الدفاع عن القيم" يضع المسائل الثقافية في مرتبة اولى قبل القضايا السياسية والاقتصادية. ويرى انصاره أن التطور الثقافي الكامل هو الهدف الأساسي للثورة الإسلامية وان القيام بأي نوع من التغيير في البناءات السياسية والإصلاح الاقتصادي لا بد أن يكون نابعا من هذا الفعل الثقافي المتطور في الرؤى وإصلاح المسارات والأساليب المتبعة. ويرفض هذا التيار التبادل الثقافي مع الغرب، ويرى أن تجاهل مواجهته يمثل أحد العناصر التي تضر بالهوية، ويوصى انصار تيار الدفاع برعاية مبادئ وقيم الثورة في مواجهة تيارات الغزو الثقافي المسمومة ونشر الوعي الثقافي وتوضيح القضايا الاساسية التي ينشغل بها المجتمع الإيراني، كما يدعو انصاره إلى ضرورة إشراف رجال الدين على الثقافة.ويتناول المؤلف، عبر فصول عديدة، رؤية كل تيار لقضية اختيار الولي الفقيه ودور الشعب في ذلك، فيشير إلى تيارات الزعامة الدينية و"حزب الله" والدفاع عن القيم يرون أن الشعب لا دور له في اختيار الولي الفقيه بينما يرى تيار رجال الدين والعمال ورسالة الطالب أن الشعب هو الذي يختار الولي الفقيه. وبناء على ذلك، تؤمن التيارات الثلاثة الاولى، أن الولي الفقيه غير مسؤول أمام الشعب.أما تيار العمال ورسالة الطالب ورجال الدين فيقررون مسؤولية الفقيه أمام من اختاروه. ولعل موقف كل تيار من الولي الفقيه ينبع من نظرته إليه، حيث تتوافق تيارات الزعامة الدينية وتيار الدفاع عن القيم و"حزب الله" على تقديسه، فيما تعارض تيارات رسالة الطالب ورجال الدين والعمال ذلك.أما عن نظرة كل من هذه التيارات للحرية فيذكر المؤلف أن تياري حزب الله والزعامة الدينية يعتبرانها امتيازاً تمنحه الحكومة للشعب، أما تيارات رجال الدين والعمال والدفاع عن القيم ورسالة الطالب فيرون أن الحرية حق إلهي وطبيعي للشعب غير مسموح للحكومات المساس به. ويقرر المؤلف أن هناك تيارات في الشارع الإيراني تدافع عن إبلاغ الثورة وتصديرها إلى الدول الإسلامية المجاورة ويرون أن ذلك سوف يكون أحد عوامل الحفاظ على القيم الإسلامية الثورية ومساندتها في حربها مع أعداء الثورة في الخارج والداخل. وهناك تياران فقط يعارضان ذلك هما تيارا رسالة الطالب والعمال، أما باقي التيارات فترى أن على ايران أن تصدر النموذج الثوري بها إلى الخارج.أما بالنسبة للعلاقات الخارجية الإيرانية وبالتحديد مع أميركا فتعارض تيارات الزعامة الدينية ورجال الدين و"حزب الله" والدفاع عن القيم، أي علاقات سياسية مع أميركا، ويرون أنها العدو الأول للثورة الإيرانية ولا يوجد استثناء لهذا الرأي إلا عند تيار رسالة الطالب وتيار العمال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق