الأربعاء، 25 فبراير 2009

لا يعرف الأوروبيون الكتاب العربي لأنهم لا يعرفون العرب

مارينا ستاغ: لا يعرف الأوروبيون الكتاب العربي لأنهم لا يعرفون العرب
المستعربة السويدية: على الناشرين العرب أن يقوموا بتغيير وجهة النظر العنصرية ضد الأدب العربي
حمدي عابدين
السويدية مارينا ستاغ، استاذة الادب العربي الحديث في جامعتي استوكهولم واوبسالا واحدة من المترجمين السويديين المهتمين بترجمة الأدب العربي، خاصة الرواية الى اللغة السويدية. وقدمت للقراء هناك عددا من الروايات العربية مثل «الخماسين» لغالب هلسا و«نجمة اغسطس» و«اللجنة» لصنع الله ابراهيم، ومجموعة قصصية لنبيل ناعوم و «نزيف الحجر» لابراهيم الكوني و«ريش» لسليم بركات، بالاضافة الى سيرته الذاتية. وتمارس ستاج إلى جانب الترجمة النقد، ولها كتاب يدرس في الجامعة حول النثر العربي نشرته عام 1996. «الشرق الأوسط» التقت مارينا ستاج في القاهرة وكان هذا الحوار:
* ما حجم الاهتمام بالادب العربي في السويد؟
ـ هناك اهتمام كبير يظهر واضحا من دور النشر التي تعمل في مجال نشر وتوزيع الرواية والقصة العربية وهي كثيرة، منها دار الحمراء ويديرها ناشر سويدي من اصل لبناني يدعى هشام بحري. وتنشر هذه الدار الكتب المترجمة مع مقدمة تعريف بالكاتب صاحب الرواية واعماله. وقد نشرت مجموعات شعرية لادونيس الى جانب كتاباته النقدية. وهناك دار نشر اخرى اسمها «ليوبورد» ومعناها النمر الارقط، وقد دخلت دار اخرى الى مجال نشر الكتب العربية المترجمة الى السويدية هي دار عصفور وجميعها قدمت عددا كبيرا من الروايات العربية التي ساهمت في ايجاد مساحة من القراء السويديين الذين يهتمون بالادب العربي.
* وما هي الترجمات الأخرى التي قدمتها هذه الدور للأدباء العرب؟
ـ دار عصفور نشرت الكثير من الكتب في السنوات الاخيرة، حيث قامت بترجمة السيرة الذاتية لسليم بركات مباشره من العربية وكذلك روايته «ريش»، واصدرت ايضا السيرة الذاتية لرشيد الضعيف «عزيزي السيد كاوباتا» ولادوار الخراط روايته «ترابها زعفران» و«البئر الاولى» لجبرا ابراهيم جبرا، كما قامت بنشر رواية رؤوف مسعد «بيضة النعامة». اما دار الحمراء فقد قامت بنشر رواية «نزيف الحجر» لابراهيم الكوني و«الخماسين» لغالب هلسا، و«نجمة اغسطس» و«اللجنة» لصنع الله ابراهيم، ومجموعات شعرية لادونيس.
* هل هناك دور نشر كبيرة مهتمة بترجمة الادب العربي؟
ـ رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المترجمون في السويد للتعريف بالادب العربي والاهتمام النسبي للقراء، إلا انه لا توجد دار نشر واحدة كبيرة لدينا مهتمة بالادب العربي. والشيء الغريب ان الدارين الكبيرتين في السويد لم تنشرا أي ترجمة لرواية عربية أو مجموعة قصصية أو حتى ديوان شعر لكاتب عربي واحد إلى اللغة السويدية.
* ما حجم حضور الكتاب العربي في السويد إذن؟
ـ توجد لبعض الكتاب العرب ترجمات كاملة، ومن هؤلاء الجزائري الطاهر بن جلون وهو معروف لدينا. لكن ترجماته برغم ذلك، تصدر من دار نشر صغيرة.
* هل تتمتع الدور الصغيرة المهتمة بترجمة الادب العربي بالاستقرار الاقتصادي؟
ـ نشر وترجمة الأدب العربي في السويد وربما في بلاد اخرى أدى الى افلاس معظم دور النشر المهتمة بالادب العربي، وهذا ما حدث لدار الحمراء التي انتهى الجهد الذي تبذله الى افلاسها، وقد عاود صاحبها نشاطه بعد ان توقف لبعض الوقت وباع ما لديه من كتب مترجمة وهو الان يلجأ الى الاقتراض لكي يبدأ من جديد.
* هل هناك من يشير عليك بترجمة عمل أدبي ما، أم أنك تعتمدين على نفسك في اختياراتك الروائية والقصصية التي تقررين ترجمتها؟
ـ انا بالطبع اتابع بشكل جيد أعمال المبدعين العرب واختار ما يعجبني للترجمة، لكن جهدي رغم ذلك لا يمكن ان يساعدني على تغطية كل ما يصدر من ابداعات عربية، لذا قد الجأ احيانا الى اصدقاء للتعرف على ما يصدر هنا وهناك. وقد يتصل بي احدهم ويرشح كتابا ما للترجمة مثلما حدث مع «باب الشمس» رواية الياس خوري، وقد رشحها لي احد الاصدقاء للقراءة، ومن كثرة ما سمعت عنها تحمست لها كثيرا، وبدأت في قراءتها وعندما انتهيت منها عرض علي احد الناشرين في السويد ترجمتها ونشرها وسوف تصدر في عام 2005. وسوف اترجم لهذه الدار ايضا رواية «وردة» لصنع الله ابراهيم و«موسم الهجرة الى الشمال» رواية الطيب صالح.
* كيف يمكن برأيك مساعدة دور النشر المهتمة بالادب العربي في السويد؟
ـ دور النشر الصغيرة في السويد تنشر طوفانا من الترجمات للأدب العربي، وهذا الطوفان يجب متابعته من جانب النقد الذي قد يحسن نوعا ما من فرص التوزيع، وكل دار نشر تحتاج الى مساعدتها، حتى تكون حرة في اختياراتها ولا بد من وجود دعم من المؤسسات المهتمة بنشر الادب العربي في أوروبا، ولنا في المؤسسات الاوروبية خير مثال على ذلك، فهناك مشروع ترجمة اوروبي يقوم عليه المجلس الاعلى للثقافة الاوروبية، يهتم بنشر الابداع الادبي لدى البلدان في باقي انحاء العالم، وفي مدرسة الترجمة بطليطلة باسبانيا هناك امكانيات كبيرة، وهذه المدرسة تنتقي المترجمين والكتاب وتدور مناقشات حول نصوص ابداعاتهم في ما بينهم وبين المترجمين بعدها تبدأ عمليات الترجمة.
* ما هو حصاد هذا المشروع؟
ـ المشروع ترجم 20 كتابا عربيا بعدها توقف لانه كان محددا بوقت معين.
* ما مدى تأثير العامل التجاري في الاعمال العربية المترجمة؟
ـ توجد مشكلة عامة بالنسبة لسوق الكتاب لدينا، إذ سادت تقريباً، وخصوصا في السنوات العشر الاخيرة، النظرة الاكثر تجارية لدى الناشرين. من قبل كان الناشرون اكثر احتراما ومسؤولية، اما الحال اليوم فيتمثل في ان الناشر يختار الكتاب الذي يعرف انه سوف يحقق مبيعات جيدة، هذا بخلاف الناشر التقليدي الذي كان يدير عملية النشر لديه من النصوص الجيدة التي يعرف انها قد لا تحقق ارباحا. الصبغة التجارية هذه أثرت كثيرا في الناشرين وجعلتهم يترددون قبل اختيار العناوين، فهم لا يقدمون كتابا للنشر قبل ان يعرفوا كم سيبيع من نسخ لدى القراء الذين أغلبهم ذوو معرفة قليلة بالعالم العربي، وحيث يسود تصور عام بأن أغلب الناس في البلاد العربية اسلاميون، متخلفون وتقليديون وهذا كله يؤثر في توجهاتهم من اجل شراء الكتب والابداع العربي.
* ما هو المخرج إذن؟
ـ في ظني هناك ضرورة حاليا لان يتحمل الناشر مسؤوليته واعتقد ان دور النشر العربية الكبيرة يجب ان تقوم بدور في هذا المجال من اجل المساعدة في تغيير وجهة النظر العنصرية ضد الادب العربي.

ليست هناك تعليقات: