الأربعاء، 25 فبراير 2009

حوار مع الفنان الألماني دانيال هيس

الألماني دانيال هيس يرسم على إيقاع الموسيقى الحية في حضور الجمهور
حمدي عابدين
الفنان التشكيلي الالماني دانيال هيس واحد من الفنانين الغربيين الذين ارتبط اسمهم بالوطن العربي. زار القاهرة أكثر من مرة واشترك في مهرجاناتها الفنية ودرس الفن في جامعاتها، كما زار دمشق وصنعاء، وهناك درس الفن لتلاميذها من الفنانين. ولم يتوقف الأمر بالنسبة له عند حد التدريس بل تجاوزه الى استيحاء الأجواء الشرقية، وتجسيدها بشكل اشاري من دون تصريح أو وضوح.
بدأ هيس حياته مدرساً مساعداً بجامعة دوسلدورف الالمانية في السبعينيات، وفي عام 1983 تم تعيينه استاذاً في كلية الفنون بجامعة زيجن لتدريس فن اللوتوغراف (الحفر على الخشب). وقد وصل الى القاهرة ليقدم في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل تجربة فنية فريدة، وهي الرسم بمصاحبة الموسيقى، وسوف يصاحبه في هذا العرض عازف الكلارينيت في دار الاوبرا الدكتور محمد حمدي الاستاذ في معهد الكونسرفتوار.
وفي هذا الحوار يكشف لنا هيس الأبعاد الفنية لهذه التجربة:
* هل هذه التجربة ارتجالية؟
ـ لا، وحتى لو بدت كذلك، فنحن نعمل الآن مجموعة من البروفات لخلق حالة من الانسجام بيني وبين الدكتور حمدي، حتى نتوافق حسياً. وفي البروفات الثلاث التي قدمناها حتى الآن لم يتغير الأمر كثيراً بالنسبة لي. وأيضاً على مستوى الموسيقى، رسمت الصورة نفسها تقريباً، وهو أيضاً عزف نفس الموسيقى، وسوف أقدم هذه التجربة أولا في حفل بغاليري «تاون هاوس» وينظمه معهد غوته، ودوري فيها هو انني سوف أرسم لوحة أمام الجمهور على سبورة خشبية معدة لهذا الغرض ومثبتة عليها ورقة بيضاء، وهدفي كسر توازن اللوحة التي أقدمها.
* هل لهذه التجربة جذور؟
ـ بالتأكيد، ولهذا قصة طريفة، فقد كنت في أوقات الفراغ أقوم بالرسم، لكي افرغ ذهني وأجعله في حالة من الاسترخاء. وكنت اعتبر ذلك مجرد تمارين تسبق العمل الذي أستعد له، وقد كنت أحياناً بعد ان انتهي من هذه التمارين، احتفظ ببعضها، وأعلقها على حائط مرسمي، الى أن زارني يوماً أحد الاصدقاء الموسيقيين وأخذ إحدى اللوحات، وعاد بعد عام ليسمعني موسيقى قال لي انها مستوحاة من لوحتي، وقد أسمعني موسيقى محملة بأحاسيس ليست في حسباني، ولم تكن موجودة لديّ عندما كنت ارسم، قد تكون كامنة عندي ولكن هذا هو الوضع بالضبط، وقد قمت ابتداء من هذه الواقعة برسم صور تصلح لتقدم في عرض موسيقي.
* ما هي العروض التي قدمتها بعد ذلك؟
ـ قدمت عروضاً في المانيا على التشيللو مع الفنانين الفرنسي بيرون ويان ديتريش، وقد اعطى الاخير مقطوعته الموسيقية عنوان «Espo حيث اختار آخر حرفين من اسمي، وآخر حرفين من آلة الفلوت، وهناك رسمت لوحة مساحتها متران في متر ونصف وكانت بعرض المسرح، الذي كان يتحرك عليه الموسيقي ويعزف أمام اللوحة كما لو كان يرقص، كان ذلك على مسرح مدينة كنستانس الجنوبية بالمانيا، ثم قدمت أيضاً عرضاً مع الفنانة الاميركية عازفة الفلوت كاميلا هوتينجا المقيمة في المانيا.
* وماذا عن رحلاتك خارج المانيا؟
ـ جئت الى القاهرة أكثر من مرة، الأولى كانت بدعوة من هيئة الاستعلامات، وذهبت وقتها الى الاقصر للتدريس في كلية الفنون الجميلة. وهناك قمت بعمل ورشة عمل مع مجموعة من الطلبة. وقد اتاحت لي هذه الزيارة فرصة مشاهدة المتاحف والأعمال العظيمة التي ابدعها المصريون القدماء عبر العصور المختلفة. بعد ذلك اشتركت في بينالي القاهرة الدولي للغرافيك مرتين، الأولى عام 1996 وكانت الأخيرة عام 2000 الحالي، وقد كان اشتراكي بعمل «لوتوجراف» حفرت في قلبه «احترس الأرض مبتلة» وأحطته بأرضية من الألوان المائية تجعل من يطالعه يستشعر حالتي وأنا اسخر من العالم الذي يحيط بنا.
* هل هذه طريقتك في الرسم؟
ـ عادة ما استخدم عبارات موازية لما أقدمه من أعمال تشكيلية، ومقتطفات من أعمال قصصية وشعرية لمبدعين عرب وأجانب، أمثال بيرون الذي اخذت منه عبارة «انني لا أرى أحداً»، وحجاج ادول الاديب النوبي الذي يعيش في الاسكندرية وغيرها.
* هل حصلت على جوائز في مهرجانات عالمية؟
ـ كثيراً، ولكنني لا أتحدث عنها، ولا يهمني أيضاً أن أفوز بها أو لا أفوز. ما يهمني هو الفن، ان اقدم أعمالاً تعبر وأحبها.
* ما رأيك في ما يسود مصر من اتجاهات فنية؟
ـ القاهرة مثل كل بلاد وعواصم أوروبا يسودها خليط من الاتجاهات والمدارس الفنية، وعموماً أنا أرى ان الفن يصفو، ويصبح جميلا عندما يقدمه الفنان من داخل ذاته معبراً عن رؤيته بتلقائية وعمق، وحتى يصل الفنان الى هذا عليه أن يقيم حواراً مع غيره من الزملاء والجمهور والفنون الأخرى.

ليست هناك تعليقات: